ولعلّ أحد الأسباب التي دعتنا إلى وضع هذا الكتاب هو الأخطاء المنهجيّة التي لاحظناها ونلاحظها في الدراسات والأبحاث، والرسائل الجامعيّة والأطروحات التي يعدّها الطلّاب، كما في الأبحاث المنشورة في المجلات العلميّة في لبنان والبلاد العربيّة على وجه العموم. فمن تطبيق آليّ للمنهج لا يعطيه مسحة الباحث الشخصيّة المميّزة، إلى اختزال لعناصره الأساسيّة في العديد من الأحيان، علمًا أنّها معروفة ومتعارَف عليها بين الباحثين، إلى عدم تحديد مشكلة البحث تحديدا علميّا دقيقًا بحيث يضيع ما يبحث عنه الباحث، إلى عدم اختيار العنوان المناسب للبحث، وتفريعه إلى عنوان أساسي وعنوان فرعي، إذا اقتضت طبيعة البحث ذلك، إلى عدم التمييز ما بين الإشكاليّة والمشكلة في البحث، إلى عدم تقديم الصياغة المناسبة للفرضيّات حسب نمط البحث المختار، إلى عدم تحديد كل المتغيّرات والاقتصار على البعض منها وإهمال بعضها الآخر، إلى عدم تقديم التحديد العلميّ والتحديد الإجرائيّ لمصطلحات البحث، إلى الاختزال في خطوات البحث والاقتصار على بعضها، إلى عدم إعمال التفكّر في كل خطوة من خطوات البحث، إلى الوقوع في أخطاء في التعبير اللغوي، إلى اللجوء إلى تفسيرات لا تنسجم مع المنطق الداخلي لمعطيات البحث المجموعة، إلى عدم مقارنة نتاج البحث مع نتائج بحوث الآخرين، إلى عدم وضع مقدمة وخاتمة لكل فصل وقسم، ومقدّمة للبحث وخاتمة عامّة نهائيّة له. هذه بعض الأخطاء الشائعة في النتاج البحثي، وهي تشير، في غالب الأحيان، إلى السرعة في المعالجة البحثيّة، تلك التي لا تتطابق مع ما هو مفترض من سمات الباحث العلميّ من صبر وتأنٍّ وحسن تدبّر ويقظة.