Votre panier est vide
لقد اكتسب الفن الروائي ومنذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر أهمية كبيرة، وتوضع على رأس السلسلة الأدبية المستحدثة بتأثير الترجمة وحركة المثاقفة مع الغرب، وكان النزوع نحو النهضة والحلم بتحديث المجتمع، وتخليصه من مساوئ الحكم الثيوقراطي الاستبدادي للسلطة العثمانية، الحافز الأساسي للدخول في معركة التجديد، وتطوير الأنساق الثقافية والاجتماعية، وتطوير وعي الجمهور وإيقاظه على معطيات الفكر النهضوي، بما يمكن من إحداث نقلة نوعية على صعيد الشكل والمضمون، وتجديد اللغة الأدبية لتتناسب مع المضامين التنويرية، ولتساعد على إتمام مسيرة التجديد وتفعيل آليات البحث عن مكونات الذات الحضارية، ورفع وتيرة الحراك الاجتماعي بالتضاد مع مجتمع التخلف والاستبداد واستبدال المضمون التنويري بالمضمون البلاغي التقليدي. واجتذاب المعرفة الضرورية للتقدم والتمدن، ونقلها من حقل المناقفة مع الغرب لتتوضع في المجتمع الروائي، وتسهم في عملية الإصلاح التي يحتاجها
المجتمع، ويلح عليها رجالات النهضة وأدباؤها. وجاءت الرواية . من حيث هي أنموذج للكتابة النثرية الجديدة ، لتعمل على خلخلة البنى الثقافية والاجتماعية والفكرية محدثة تبدلا في الوعي اللغوي والأدبي، فيرز الخطاب الإصلاحي، وتغيرت الدلالة الاجتماعية والأدبية، كما تمكن الفن الروائي من تقديم مفاهيم جديدة كالأمة، والوطن والحرية والعدالة الاجتماعية والتمدن، ونظام الحكم، فخلق بذلك مجتمعاً روائياً موازيا ومفارقا للمجتمع التقليدي القائم عصرند. ولتصبح الرواية من بعد جزءاً من ثقافة تنويرية ذات نزعات تعليمية وعقلانية، وفلسفية، وإنسانية واخلاقية، واجتماعية، استخدمت فيها تقنيات إبداعية جديدة، رافقت تجربة التحول، وعبرت عن وعيها الجديد.